الهمزة المكسورة

 إسمي حين اترجمه في روحي لا يعني لدي سوى المحاولة، صبغت تلك المحاولة أحيانا بالأمل وأخرى باليأس وكثيرا بالغباء وأحيانا أخرى بالعجز..

بلى، فهناك محاولات تأتي من العجز مثلما يكون عليك أن تحاول كل يوم وتحيا كل يوم وأنت لا تتحمل وجودك... كل الصباحات سيان أو أنت الأعمى وهل يهم؟ 

الآن فقدت شغفي تجاه المعرفة بعدما عرفت أني مصابة بالعمى لأن المعرفة هنا كانت ضريبتها العجز وهنا أخذت معرفة الشيء ومعرفة عجزي وضعفي عن تغييره...


أكتب لماذا أكتب؟ ربما حتى لا أتعاطى الحبوب المهدئة لأنها تُشعرني أني ظل إنسان بلا حركة وبلا شعور، حينها أُبصر ولكني لا أرى سوى الفراغ أما في حالي الآن، أعرف أن هناك جمال وآراه ولكني لست محظوظة بشكل كاف لأشعر به بالرغم من محبتي له وربما تلك هي لعنتي، أن أحب الأشياء بشدة وأعرفها بشدة وأحفر داخلي لها وادي مقدس ولكني في هذا الوادي أدفن نفسي في سبيلها... يا لقسوتي على نفسي... لم تقتلني سوى يدي.


تقول لي صديقتي أني قاسية على نفسي ولا أنظر للأمور ببساطة ويقول لي الجميع أن أترفق بنفسي، أنا لا أعرف إن كنت قاسية معها أو مترفقة ولكني أعلم أني حاولت كثيرا، سَيُكتب على قبري، شروق أي التي حاولت.


حاولت أن أحب وأحببت كثيرًا، كمًا وكيفًا، وقتلني الحب ولم أجرأ على قتله، ربما لا يسكن في قلبي سوى الحب وربما أنا الحب وهنا قد نتحدث طويلا عن الحب والكون والفيزياء وكيف تتجاذب الذرات بالحب فينشأ العالم كما عند أنبادوقليس أو نتحدث عن الإنسان الكامل عن أفلاطون.. قد نعرض لقصص الحب التي لا تنتهي منذ بداية اللغة وحتى نهاية الإنسان، لن يغلق القوس. 


عن الحب الإلهي والعذري والتضحية، عن الحب وفق العلم وتفاعل الهرمونات وعن اختراع الحب وفق علم النفس التطوري واستقرار الأسرة والملكية والزراعة وعن الشعر...وعني ومن أنا؟ لست سوى قصة كنت أود ألا تُكتب أبدا.


بين كل القصص قد تهت كثيرا بين الألم والأمل والشوق والنهايات السعيدة وغدر القدر وما استطعت تعريف الحب، فالحب هو أمر لا يمكن وصفه بشيء، لا يسعه شيء وهو يسع الكل.


يٌقول البعض أن الحب يُعرف بالأفعال وهذا يُذكرني بالفلسفة البراجماتية ونظرية المعرفة عن العلاقة بين الصدق والحقيقة وأن ما لن يُطبق في الواقع هو ليس بصادق ولكني لا أتفق مع تلك الرؤية، فأنا من أنصار الحب لذاته ويقتلني الحب ولكني لست آسفة فقد قُتلت بأحب الأشياء لدي، على الأقل اخترت طريقة موتي.


قالت صديقتي في حديث حاد حول محاولاتها لإخراجي للعالم البسيط والتخفف من أثقال قلبي ورفضي كل محاولة منها لأن أطلب ما أريده، معللة ذلك بأني لن أطلب شيئا حتى لا أصير عبء وقلت لها تلك هي مشكلتي، في قلبي محبة تؤلمني هذا أمري الخاص ويجب أن أعالجه وأعيش معه لا أن أطلب التقرب من أحد. 

فقالت: أني أقسو على نفسي وأردفت أن لا ذنب لي فالحب مثل لطشة البرد.


هنا توقفت أمام تلك الكلمتان، الحب مثل لطشة البرد... ربما هذا يفسر صعوبة قدرتي على التنفس وتعسر الهواء على أن يسير داخل أنفي ووهن جسدي وحزن عظامي وشحوب وجهي والشوق الذي يفزعني من النوم في صوت كحة تجرح صدري وحلقي ولا تخرج...


لطشة برد، تنسمت بها في صباح هاديء وظننت أن الربيع لن يُصيبني بالبرد وأحببت رائحة الزهور ولكنه كان جهلي بحساسيتي الزائدة وأن لطشة البرد لمن يخرجون للنسمات بصدور عارية قد تقتلهم أو تتركهم بأمراض صدرية مزمنة...


أنا لا أستطيع التنفس... لا أستطيع البكاء ولا الحديث... أخشى أن أكون قد توقفت عن الشعور.


يا أي شيء في العالم، أنا لا أعرف من أنا ولا سبيل لي سوى أحرف مبعثرة أصرخ بها قليلا ثم أصمت.

Comments

Post a Comment

Popular posts from this blog

ألف